Monday, February 27, 2017

عم عبد الحميد و الدنيا و التأجيل


مكنتش أعرف عم عبد الحميد ، الإ يمكن شكلا فقط لا غير، و جايز مكنتش أعرفه أصلا، عم عبد الحميد كان بيشتغل فى نفس الشركة اللى أنا شغالة فيها، سمعت عنه فجأة يوم ما الشركة أنقلبت رأسا على عقب و الكل كان بيجرى

بيجرى ليه ، يمكن حتى مهتمتش أعرف، بس الكل بيجرى و بيركب عربيته ، و عايز يلحق ، كأن فيه حد محتاج فزعة ، لحد ما جالى أحد الأشخاص اللى بيشتغل تحت رئاستى فى العمل ، و قالى يا باشمهندسة ممكن أروح المستشفى أتبرع بالدم!؟؟

رديت و قالتله ، ليه هتتبرع بالدم فيه شئ!؟؟ ، قالى أصلا عم عبد الحميد نقلوه المستشفى!؟

استغربت و مرفضتش طلبه و قلتله ممكن تروح، و بعد أذنك طمنى عليه، و مشيت روحت للسكرتيرة ، و سألتها عن قصة عم عبد الحميد ، و قعدت مشكورة حكتلى عن عم عبد الحميد

عم عبد الحميد شخص عادى مغترب بعيد عن أهله ، سمعت عنه شكر كتير و أنه متفانى فى عمله ، و بينحت فى الصخر عشان يساعد أولاده و مراته ، متغرب من سنيين ، بيشتغل بلا وعى عشان يقدر يوفر لقمة العيش ، كان جدع ، و بيحاول يساعد دايما ، و بينجز أى شغل موكل له

عم عبد الحميد كان بينقل شوية اجهزة تقريبا ، و هو بيستخدم المنشار الكهربائى تقريبا ( مش متذكرة الأحداث لأن الكلام دى من فترة) فلت من أيده و شق بطنه و على ما زمايله وعيوا بالحادث ، كان تقريبا فقد دم كتير و الضغط وطى جدا، دخل المستشفى و تقريبا من سنة و هو ميت اكلينيكا ، و اللى مشعارف كلمة ميت أكلينيكا ، هو شخص عقله مات أو المخ يعنى خلاص انتهى لكن القلب مازال ينبض


عم عبد الحميد أخد شهادة تقدير عن عمله خلال السنوات اللى فاتت بعد ما مات أكلينكيا ، انا فعلا زعلانة ، مش من الشركة لكن من قصة انه كل شخص بيأجل الشكر عن عمله ، بيأجل الأستمتاع ، بيأجل الحياة عشان يبقي يعيشها ، بيأجل كل حاجة عشان يستمتع ، و الأستمتاع مجاش ، و أيه الفائدة؟؟

الحياة يبغالها أتزان يا شعب

الحياة تريد منا أن نتزن

كفاية نكد لأن الوحد تعب من فكرة النكد ، أصبح النكد سمة الحياة

خلينا بعض تحت مقصلة المفروض تعمل و المفروض يحصل، من وضع هذه المفاريض؟؟

المفروض اخلص شغل و تعب و اتمتع اخر يومين فى عمرى؟؟ من وضع هذه المفاريض؟؟

الواحد تعب من المفاريضات اللى طايحة فينا ، السؤال من أقرها، مين أقر نودى ورد المقابر ، رغم ان الشخص و هو حى كان بيبقى نفسه فى وردة مش بوكيه ، مين اللى أقر تأجيل كلمة تسلم ايديك عشان ميتمريعش علينا و يفتكر نفسه عمل حاجة؟ ، مين اللى أقر و فرض تأجيل الأحساس بالدفء و الحب و الأحضان عشان الولد ميتطلعش خايخ؟؟ ، لازم تقسى عشان تعلمه ، لازم ترميه على الأرض عشان ميتعودش على الشيل، لازم تخوفه عشان يحترم نفسه، لازم لما يغضب متسألش فيه مطلقا، لازم و لازم و لازم، مين اللى علمنا الهروب من مسئوليتنا و اسهل حاجة نرمى اللوم على الغير، مين اللى علمنا أن الفشل سببه غيرنا، مين اللى فرض!؟ 

عم عبد الحميد فى عداد الموت المتصفين بالحياة ، و نحن فى عدد الأحياء المعانيين للموت الأكلينكي المحض للعيش فى هذه الحياة

رحمك الله يا عم عبد الحميد

Shaymaa Al-okaily

No comments:

Post a Comment